عطلات الوزراء بين روح المبادرة الرئاسية وحسابات السياسة

اثنين, 08/18/2025 - 16:44

في إطار دعوته إلى تعزيز الروابط الأسرية والتكافل الاجتماعي، حث الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني أعضاء الحكومة الحالية على قضاء عطلاتهم السنوية في مناطق الداخل، تشجيعًا للتواصل المباشر مع المواطنين في القرى والمدن البعيدة عن العاصمة، ودعمًا للاستقرار الاجتماعي والاقتصاد المحلي.

غير أن هذه المبادرة، التي رُوِّج لها بأهداف اجتماعية واقتصادية واضحة، أثارت جدلاً واسعًا بعد أن تحولت عطلات بعض الوزراء، خاصة في ولاية الحوض الشرقي، إلى ما يشبه استعراضات سياسية وقبلية، وفق ما يؤكده متابعون للشأن المحلي.

الرئيس قدوة.. والوزراء مثار جدل

لقد شكلت صور الرئيس المتداولة خلال عطلته في مسقط رأسه نموذجًا يحتذى به، حيث ظهر وهو يصل الأرحام، يحتضن الأطفال، ويجالس الشيوخ والمسنين بتواضع وتعاطف وإنسانية، في مشهد عكس جوهر المبادرة وما تدعو إليه من رفق وتكافل.

في المقابل، بدا حضور عدد من الوزراء في الحوض الشرقي مختلفًا، إذ اتجه بعضهم – حسب مراقبين – إلى استغلال العطلة لتعزيز حضورهم المتواضع في المشهد السياسي، من خلال استقبالات ممولة ونشاطات ذات طابع قبلي، ابتعدت كل البعد عن روح الدعوة الرئاسية.

مخاوف من انزلاق سياسي

مصادر محلية تحدثت عن استغلال بعض الوزراء العطلة لتعزيز حضورهم المتواضع في المشهد السياسي في الولاية عبر استقبالات مصطنعة وباهتة، ومحاولة آخرين إطلاق حراك قبلي سياسي عبر تنظيم وفود استقبال، وتقديم النحائر، في مشاهد بدت أقرب إلى استعراض نفوذ شخصي منها إلى تواصل اجتماعي.

ولعل من تعامل معهم رئيس الجمهورية برفق وتواضع أثناء عطلته، تم التعامل مع نظرائهم في الحوض الشرقي من طرف الوزراء بقساوة حيث تم استغلالهم وتجميع بعضهم وإغرائهم بمبالغ زهيدة مقابل المشاركة في استقبالات مصطنعة ومخالفة لتعليمات رئيس الجمهورية في دعوته لقضاء العطل في الداخل.  

ويرى مراقبون أن مثل هذه الممارسات قد تفرغ المبادرة من مضمونها، بل وتحوّلها إلى ما يشبه "الرشى السياسية" التي تضر بالمصلحة العامة وتضعف ثقة الرئيس في بعض أعضاء الحكومة.

اختبار حقيقي للحكومة

برأي محللين، فإن ما جرى يمثل اختبارًا حقيقيًا للحكومة في مدى التزامها بتوجيهات الرئيس، خاصة بعد الحديث عن استقالة مرتقبة للحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة.

فالمبادرة التي أرادها الرئيس ولد الشيخ الغزواني فرصة لتعزيز التماسك الاجتماعي، قد تفقد بريقها إذا استمر استغلالها لأغراض شخصية ضيقة، وهو ما قد تكون له تداعيات سياسية على الوزراء المعنيين.

ويبقى نجاح المبادرة مرهونًا بقدرتها على خدمة أهدافها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، بعيدًا عن الحسابات السياسية، بما يحفظ مصداقيتها لدى الرأي العام.

مولاي الحسن مولاي عبد القادر