
بعد عقود من التراجع والجمود، عاد اتحاد العمال الموريتانيين (UTM) إلى دائرة التأثير والنشاط النقابي في موريتانيا، بفضل قيادة الوزير السابق الكوري ولد عبد المولى، الذي نجح في ضخ روح جديدة داخل أعرق مركزية نقابية في البلاد.
الاتحاد العريق وتاريخه النضالي
يُعد اتحاد العمال الموريتانيين أول مركزية نقابية تأسست في موريتانيا، وقادها في بداياتها الرعيل الأول من قادة الحركة النقابية الوطنية، وعلى رأسهم المرحوم ماء العينين روبير. وقد لعب الاتحاد دورًا محوريًا في الدفاع عن حقوق العمال، والسعي لتحقيق التوازن في علاقات العمل بين العامل وربّ العمل، فضلًا عن نسجه لعلاقات متينة مع الاتحادات النقابية العربية والإفريقية والدولية.
لكن هذا الاتحاد التاريخي لم يسلم من تأثيرات التعددية النقابية التي عرفتها البلاد لاحقًا، إذ عانى من انقسامات داخلية وخلافات قيادية، إلى جانب ما وُصف بـ"فوضوية" تشريعات العمل النقابي.
ومع مرور الوقت، تراجع تأثير الاتحاد على الساحة، حتى دخل مرحلة من الموت السريري، تاركًا خلفه فراغًا في المشهد النقابي الوطني.
الكوري ولد عبد المولى... وعودة الروح إلى الاتحاد
بهدوئه المعهود وخبرته السياسية والنقابية، استطاع الوزير السابق الكوري ولد عبد المولى أن يُعيد ترتيب بيت اتحاد العمال الموريتانيين، ويمنحه دفعة قوية أعادته إلى صدارة المشهد النقابي الوطني.
فقد نجح الرجل في توظيف شبكة علاقاته الواسعة، وإدارة العمل النقابي بحكمة وواقعية، مكّنت الاتحاد من استعادة ثقة العمال، وإثبات حضوره في الاستحقاقات النقابية الأخيرة.
ويرى متابعون أن الكوري ولد عبد المولى، الذي يُعد من صفوة الشخصيات النقابية الموريتانية، استطاع أن يجمع بين الهدوء والفعالية، وأن يُعيد للاتحاد مكانته الطبيعية كصوتٍ يمثل العمال ويدافع عن مصالحهم، بعيدًا عن الصراعات والتجاذبات التي أنهكت الساحة النقابية لعقود.
نتائج فاقت التوقعات
أثمرت جهود القيادة الجديدة نتائج ملموسة، إذ تصدر اتحاد العمال الموريتانيين (UTM) قائمة المركزيات النقابية الثلاث التي تجاوزت عتبة التمثيلية النقابية على المستوى الوطني، بعد أن حصل على 31.28% من الأصوات، أي ما يعادل 11881 ناخبًا.
وجاءت الكونفدرالية الوطنية للشغيلة الموريتانية (CNTM) في المرتبة الثانية بنسبة 18.71% (7105 ناخبين)، فيما حلت الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا (CGTM) في المرتبة الثالثة بنسبة 14.66% (5567 ناخبًا).
هذه النتائج التي فاجأت المتابعين، تعكس حجم التحول الذي شهده الاتحاد خلال فترة وجيزة، وتؤكد أن روح التجديد التي قادها ولد عبد المولى أعادت الثقة إلى القاعدة العمالية، وأحيت الأمل في عودة الاتحاد لدوره التاريخي كمرجع وطني في الدفاع عن حقوق العمال.
نقلة نوعية في المشهد النقابي
لقد مثّل صعود اتحاد العمال الموريتانيين مجددًا نقطة تحول في المشهد النقابي الموريتاني، ليس فقط من حيث الأرقام، بل من حيث إعادة الاعتبار للممارسة النقابية الجادة والمسؤولة.
وبات الاتحاد، بقيادة الكوري ولد عبد المولى، نموذجًا في كيفية الجمع بين الخبرة السياسية والرؤية النقابية، في وقت تحتاج فيه الساحة العمالية إلى خطاب موحد وواقعي يتجاوز الانقسامات ويُعيد الاعتبار للعمل النقابي كمؤسسة وطنية تخدم الصالح العام.
موقع صوت




















